التعامل مع التوتر والضغوط اليومية وهى أمور حقيقية يواجهها الكثيرون في حياتهم. قد يكون التوتر نتيجة لمتطلبات العمل، العلاقات الشخصية، الضغوط المالية، أو حتى الضغوط الداخلية التي نفرضها على أنفسنا. ومع زيادة وعينا بأهمية الصحة العقلية والجسدية، أصبح من الضروري تعلم استراتيجيات فعالة للتعامل مع التوتر وإدارة الضغوط اليومية بشكل صحي.
أهمية التوتر وتأثيره على الصحة:
دعنا في البداية نفهم ماذا يحث في أجسادنا عندما نشعر بالتوتر. عندما يشعر الجسم بالتوتر والضغوط اليومية يقوم بإفراز مجموعة متنوعة من الهرمونات التي تؤثر على حالتنا العقلية والجسدية. وتقل مستويات هرمونات أخرى تؤثر على زيادة شعورنا بالتوتر. إليك بعض الهرمونات الرئيسية التي يفرزها الجسم في حالة التوتر:
إفراز الكورتيزول:
يُعرف أيضًا بـ “هرمون الإجهاد”. يتم إفراز الكورتيزول من قبل الغدة الكظرية في حالات التوتر والضغوط العاطفية والجسدية. يرتبط الكورتيزول بزيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وتفاعلات الجسم للتعامل مع التوتر.
إفراز الأدرينالين:
يعتبر هرمون الأدرينالين جزء من نظام الاستجابة للقتال أو الهروب. يتم إفرازه في حالات التوتر والخوف والتوتر العصبي. يعمل الأدرينالين على زيادة مستوى الطاقة والتحفيز، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة معدل ضربات القلب وزيادة ضغط الدم.
إنخفاض مستوى الأوكسيتوسين:
يُعرف الأوكسيتوسين بـ “هرمون الحب والارتباط”. يتم إفرازه في حالات التواصل الاجتماعي الإيجابي والدعم العاطفي. يساهم الأوكسيتوسين في تعزيز الشعور بالارتباط الاجتماعي والراحة والاسترخاء. عندما يكون مستوى الأوكسيتوسين منخفضاً، قد يكون الشخص أكثر عرضة للتوتر والتأثر بالضغوط اليومية بشكل أكبر
إنخفاض مستوى السيروتونين:
يُعرف السيروتونين بـ “هرمون السعادة”. يلعب دوراً هاماً في تنظيم المزاج والشعور بالراحة والاسترخاء. ترتبط انخفاض مستويات السيروتونين بظهور القلق والاكتئاب.
تتعامل الهرمونات المذكورة أعلاه مع التوتر والضغوط اليومية بطرق مختلفة، وتؤثر على حالتنا العقلية والجسدية. من المهم أن نعتني بصحتنا العامة ونعمل على إدارة التوتر والضغوط بشكل صحيح من خلال استخدام استراتيجيات التحكم في الضغط وتعزيز الرفاهية العقلية والجسدية.
الآليات السلبية للتعامل مع التوتر والضغوط اليومية
(استراتيجيات التعامل مع التوتر):
يمكن أن يؤثر التوتر المستمر على صحتنا بشكل سلبي. فهو قد يؤدي إلى زيادة مستويات القلق والتوتر، ويترتب عليه تأثير سلبي على الصحة العقلية والجسدية.
قد يعاني الأشخاص المتوترين من صعوبة في التركيز، النوم السليم، وحتى مشاكل هضمية. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر التوتر المزمن على جهاز المناعة ويجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
وبسبب هذا يلجأ الناس الى التعامل مع التوتر والضغوطات اليومية باتباع بعض الآليات والسلوكيات ولكن قد تكون لها تأثير ضار على الصحة النفسية والذهنية وتزيد من شعورهم بالتوتر والضغوط. بعض هذه الآليات فى التعامل مع التوتر تشمل:
الإفراط في تناول الطعام وعدم السيطرة عليه:
يعتبر الإفراط في تناول الطعام بدون الشعور بالجوع وبدون القدرة على التحكم في الكميات مؤشراً على احتمالية وجود الاستخدام العاطفي للطعام. يلجأ الأشخاص إلى تناول كميات كبيرة من الطعام كوسيلة للتهدئة وتخفيف الضغوط النفسية المؤقتة.
ومع أن هذه الآلية قد توفر شعوراً مؤقتاً بالراحة، إلا أنها قد تزيد من الشعور بالتوتر والضغط على المدى الطويل وتؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية والجسدية وهى ليست طريقة جيدة تصلى فى التعامل مع التوتر.
التدخين وتعاطي المخدرات:
يلجأ بعض الأشخاص إلى التدخين أو تعاطي المخدرات كوسيلة للتخفيف من التوتر والضغوط. ومع ذلك، يعتبر هذا النوع من الآليات غير صحي وقد يؤدي إلى تفاقم المشكلات الصحية وتأثيرات سلبية على الصحة النفسية والذهنية.
الإفراط في تناول الكحول:
يعتقد بعض الأشخاص أن تناول الكحول يمكن أن يساعدهم في التخلص من التوتر والضغوط، ولكن في الحقيقة، الكحول قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض النفسية والعاطفية وزيادة القلق والاكتئاب.
الانعزالية وعدم التفاعل الاجتماعي:
بعض الأشخاص يتجنبون التفاعل الاجتماعي وينسحبون في أنفسهم كوسيلة للتعامل مع التوتر والضغوط. ومع ذلك، هذا النوع من الانعزالية قد يؤدي إلى شعور بالوحدة والعزلة، وزيادة القلق والاكتئاب.
تجاهل المشاعر والعواطف:
قد يحاول بعض الأشخاص تجاهل المشاعر السلبية وعدم التعامل معها كوسيلة للهروب من التوتر.
ومع ذلك، هذا النوع من التجاهل يمكن أن يؤدي إلى تراكم التوتر والضغط العاطفي وزيادة الأعراض النفسية وبالتالى يصعب التعامل مع التوتر.
يجب أن نتذكر أن هذه الآليات السلبية للتعامل مع التوتر والضغوط ليست مفيدة على المدى الطويل، وقد تزيد من تأثيرات التوتر والضغط على الصحة النفسية والذهنية.
من الأفضل البحث عن آليات صحية وإيجابية فى التعامل مع التوتر والضغوط، مثل ممارسة التأمل والاسترخاء، وممارسة الرياضة، والبحث عن الدعم العاطفي من الأصدقاء والعائلة، والبحث عن هوايات وأنشطة تهدئة وتساهم في الاسترخاء والتأمل.
الآليات الإيجابية للتعامل مع التوتر وإدارة الضغوط اليومية
(استراتيجيات التعامل مع التوتر ):
ممارسة التمارين الرياضية والنشاط البدني:
يعتبر ممارسة التمارين الرياضية والنشاط البدني وسيلة فعالة لتحسين المزاج وتخفيف التوتر. وذلك لأن الجسم يقوم بفرز هرمونات السعادة، وهي الإندروفين و السيروتونين، مما يساهم في تحسين المزاج وتخفيف التوتر والضغط. يمكنك ممارسة الرياضة بانتظام مثل المشي، الركض، رياضة اليوغا، أو أي نشاط بدني تستمتع به.
تعلم تقنيات التنفس العميق:
يمكن أن يساعد التركيز على التنفس العميق والبطيء على تهدئة الجسم والعقل. جرب التنفس من خلال التركيز على استنشاق الهواء ببطء عميقاً، ومن ثم تنفيسه ببطء أيضاً.
قم بتكرار هذه التقنية لعدة دقائق عندما تشعر بالتوتر. وبالإضافة إلى هذا الشعور بالاسترخاء يقوم الجسم بفرز هرمون الليبتين الذي يعمل على تنظيم الشهية ويعزز الشعور بالشبع وحينها تشعر التعامل مع التوتر أصبح تحت سيطرتك.
إدارة الوقت بشكل فعّال:
قد يكون الضغط والتوتر نتيجة لضيق الوقت وعدم التمكن من إنجاز المهام المطلوبة. حاول تنظيم يومك وإدارة وقتك بشكل فعال. استخدم جدولًا أو تطبيقًا للتذكير بالمهام وتحديد أولوياتك لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية من أهم استراتيجيات التعامل مع التوتر.
امنح نفسك وقتًا للاسترخاء والاستجمام:
قم بتخصيص وقت يومي لنشاط يهدئك ويساعدك على الاسترخاء، مثل القراءة، الاستماع للموسيقى، ممارسة اليوغا، أو حتى الاستمتاع بحمام دافئ. اعتبر هذا الوقت كاستثمار في صحتك العقلية والجسدية لتحفز جسمك على إفراز الدوبامين والذي يلعب دوراً في تنظيم المزاج والشعور بالمتعة والرضا.
التواصل الاجتماعي والدعم العاطفي:
لا تتردد في مشاركة مشاعرك ومخاوفك مع الأشخاص المقربين لك. يمكن أن يكون للتحدث مع الآخرين والحصول على الدعم العاطفي دور كبير في تخفيف التوتر والشعور بالارتياح. وكما ذكرنا سابقاً، سيقوم الجسم بفرز هرمون الأوكسيتوسين والذي يعمل على تعزيز الارتباط الاجتماعي والشعور بالارتياح والثقة.
استراتيجيات التعامل مع التوتر وإدارة الضغوط اليومية لها تأثير كبير على صحتنا وجودتنا في الحياة. قم بتجربة الاستراتيجيات المذكورة واكتشف أي منها يناسبك بشكل أفضل. تذكر أنه من المهم أن تعتني بنفسك وتأخذ قسطًا من الوقت للعناية بصحتك العقلية والجسدية، فهذا يساعدك على التعامل بفعالية مع التوتر والضغوط اليومية.
وتذكر “إذا لم تستطع تغيير الوضع، فغيِّر نظرتك تجاهه” فإن السعادة تكمن في القدرة على إدارة التوتر والاستجابة للحياة بروح إيجابية وهدوء داخلي.